Tuesday, June 29, 2010

عنصرية

ثمة قضايا في لبنان تشي بقباحات لا يمكن وصفها أو تحليل مباعثها من دون مساءلة طبيعتها العنصرية.
- من هذه القضايا قضية حجب الحقوق المدنية والاجتماعية عن اللاجئين الفلسطينيين وعزل مخيّماتهم والتحجّج ببعض الجماعات المسلّحة فيها وفي قواعد خارجها بهدف التحريض ضدّهم، مع العلم أن هذه الجماعات غالباً ما تأسّست وترعرعت في أحضان مخابراتية لا علاقة للفلسطينيين أنفسهم بها، أو هي ظواهر تعبّر عن عمق التأزم السياسي والثقافي والاقتصادي في بعض أوساطهم. وهو تأزّم ليس خاصاً بهم ولا هو حالة معزولة عن تأزمات شبيهة في المجتمع اللبناني وفي المجتمعات العربية.

وتغطية حجب الحقوق هذا بالقول بتحوّله توطيناً تارة أو عائقاً أمام حق العودة تارة أخرى، لا يُقنع ولا يمكن تبريره، فلا الحق في العمل والتملّك والتنقّل يؤدّي الى التجنيس، ولا العيش الكريم عوض المهانة يُعيق العودة الى فلسطين إن تحقّقت إمكاناتها.

- من هذه القضايا أيضاً الرفض القاطع لحق المرأة اللبنانية في منح الجنسية لأبنائها. فالرفض، الى كونه ترجمة للعقلية التقليدية المهيمنة حيث رابط الدم لا يمر بالنساء وحيث الأخيرات لسن مواطنات تساويهنّ القوانين والممارسات بالمواطنين الرجال، يرتبط بالعنصرية من بابين. الأول، ترداد القول بانتماء الأزواج الى جنسيات معيّنة، وكأن المشكلة تكمن في هذه الجنسيات. والثاني، تكرار الحديث في التوطين، مبطّناً هذه المرة. وفي الحالين، مؤدّى الأمر تأكيد عنصرية من جهة، وانتقاص مستمر للحقوق الانسانية والسياسية للمرأة اللبنانية من جهة ثانية.


- ومن هذه القضايا كذلك، أساليب التعاطي مع العاملات الأجنبيات، من لحظة فصلهنّ عن سائر المسافرين والمسافرات في المطار ولغاية "استلامهّن" من جانب أرباب العمل. وإن عُطف على الأمر ما يُروى عن سوء المعاملة داخل المنازل، وما يُحكى عن مشاهدات من داخل السجون حيث يوقف العمال الأجانب لانتهاء إقاماتهم أو لأسباب أخرى، بات الأمر عنصرية معطوفة على عنف مسلكي لم يكن الاعتداء البشع على السودانيين في الأوزاعي سوى واحداً من تجلياته...

إن مساءلة القضايا المذكورة ضرورية بقدر ما هي ضرورية الإشارة الى تزايد التصدّي لها من خلال حملات الدفاع عن حقوق الانسان التي لا تبخل بعض مكوّنات المجتمع المدني في إطلاقها. وظاهرة المسيرات – من "العلمانيين" الى "جنسيتي حقي" الى "الحقوق المدنية للفلسطينيين" – دليل على ذلك، وهي تفتح الباب أمام المزيد من الحراك.
زياد ماجد